ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﺃﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻧﺒﺬﺓ
ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻴﺪﻩ
ﻭﺃﺳﺠﺪ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻋﻠﻤﻪ
ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﻭﺧﻠﻖ ﻟﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ
ﻭﺃﺳﻜﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺃﻧﺬﺭﻫﻤﺎ ﺃﻥ
ﻻ ﻳﻘﺮﺑﺎ ﺷﺠﺮﺓ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﻟﻜﻦ
ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺳﻮﺱ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﺄﻛﻼ
ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺄﻧﺰﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﻣﻜﻦ ﻟﻬﻤﺎ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻬﺎ
ﻭﻃﺎﻟﺒﻬﻤﺎ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ
ﻭﺣﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ،
ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ،
ﻭﻫﻮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ
ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ.
ﺳﻴﺮﺗﻪ
ﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻣﻼﺋﻜﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺨﻠﻖ ﺑﺸﺮﺍ
ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ - ﻭﺧﻠﻴﻔﺔ
ﻫﻨﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺫﺭﻳﺔ
ﻳﺨﻠﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ. ﻓﻘﺎﻝ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ) :ﺃَﺗَﺠْﻌَﻞُ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻣَﻦ
ﻳُﻔْﺴِﺪُ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻭَﻳَﺴْﻔِﻚُ ﺍﻟﺪِّﻣَﺎﺀ
ﻭَﻧَﺤْﻦُ ﻧُﺴَﺒِّﺢُ ﺑِﺤَﻤْﺪِﻙَ ﻭَﻧُﻘَﺪِّﺱُ
ﻟَﻚَ.(
ﻭﻳﻮﺣﻲ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻫﺬﺍ
ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺳﺎﺑﻘﺔ
ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ , ﺃﻭ ﺇﻟﻬﺎﻡ
ﻭﺑﺼﻴﺮﺓ , ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ
ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻓﻄﺮﺓ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ , ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ
ﻳﺘﻮﻗﻌﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻔﺴﺪ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ , ﻭﺃﻧﻪ ﺳﻴﺴﻔﻚ
ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ . . ﺛﻢ ﻫﻢ - ﺑﻔﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺗﺘﺼﻮﺭ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ -
ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﺑﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻟﻪ , ﻫﻮ ﻭﺣﺪﻩ
ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ . . ﻭﻫﻮ
ﻣﺘﺤﻘﻖ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﻢ ﻫﻢ ,
ﻳﺴﺒﺤﻮﻥ ﺑﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻳﻘﺪﺳﻮﻥ ﻟﻪ, ﻭﻳﻌﺒﺪﻭﻧﻪ ﻭﻻ
ﻳﻔﺘﺮﻭﻥ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺛﺎﺭﺕ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ
ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺧﺒﺮ ﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ..
ﺃﻣﺮ ﺟﺎﺋﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻻ
ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﺍﺭﻫﻢ ﺷﻴﺌﺎ،
ﻷﻧﻬﻢ، ﺭﻏﻢ ﻗﺮﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻬﻢ ﻟﻪ، ﻭﺗﻜﺮﻳﻤﻪ ﻟﻬﻢ، ﻻ
ﻳﺰﻳﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻋﺒﻴﺪﺍ
ﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﺸﺘﺮﻛﻮﻥ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ
ﻋﻠﻤﻪ، ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺣﻜﻤﺘﻪ
ﺍﻟﺨﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻐﻴﺐ .
ﻟﻘﺪ ﺧﻔﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ , ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﻋﻤﺎﺭﺗﻬﺎ , ﻭﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ , ﻭﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺇﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ
ﻭﺗﺮﻗﻴﺘﻬﺎ ﻭﺗﻌﺪﻳﻠﻬﺎ , ﻋﻠﻰ ﻳﺪ
ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻪ . ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻔﺴﺪ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ , ﻭﻗﺪ
ﻳﺴﻔﻚ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ . ﻋﻨﺪﺋﺬ
ﺟﺎﺀﻫﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ
ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ , ﻭﺍﻟﺨﺒﻴﺮ ﺑﻤﺼﺎﺋﺮ
ﺍﻷﻣﻮﺭ) :ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﻻَ
ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ.(
ﻭﻣﺎ ﻧﺪﺭﻱ ﻧﺤﻦ ﻛﻴﻒ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻭ ﻛﻴﻒ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ . ﻭﻣﺎ
ﻧﺪﺭﻱ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻠﻘﻰ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻼ ﻧﻌﻠﻢ
ﻋﻨﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻨﺎ ﻣﻦ
ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﻻ
ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ
ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻃﺎﺋﻞ
ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻴﻪ . ﺇﻧﻤﺎ
ﻧﻤﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻐﺰﻯ ﺍﻟﻘﺼﺔ
ﻭﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺼﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ .
ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺳﻴﺠﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺧﻠﻴﻔﺔ..
ﻭﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺃﻣﺮﻩ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺗﻔﺼﻴﻼ، ﻓﻘﺎﻝ ﺇﻧﻪ
ﺳﻴﺨﻠﻖ ﺑﺸﺮﺍ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ، ﻓﺈﺫﺍ
ﺳﻮﺍﻩ ﻭﻧﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻪ
ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻥ
ﺗﺴﺠﺪ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ
ﺳﺠﻮﺩ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﺳﺠﻮﺩ
ﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻷﻥ ﺳﺠﻮﺩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻻ
ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ.
ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻗﺒﻀﺔ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻷﺻﻔﺮ
ﻭﺍﻷﺣﻤﺮ - ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﺠﻲﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺃﻟﻮﺍﻧﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ - ﻭﻣﺰﺝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﻓﺼﺎﺭ
ﺻﻠﺼﺎﻻ ﻣﻦ ﺣﻤﺄ ﻣﺴﻨﻮﻥ.
ﺗﻌﻔﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﻭﺍﻧﺒﻌﺜﺖ ﻟﻪ
ﺭﺍﺋﺤﺔ.. ﻭﻛﺎﻥ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻳﻤﺮ ﻋﻠﻴﻪ
ﻓﻴﻌﺠﺐ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺼﻴﺮ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻄﻴﻦ؟
ﺳﺠﻮﺩ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻵﺩﻡ
ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻠﺼﺎﻝ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺁﺩﻡ .. ﺳﻮﺍﻩ ﺑﻴﺪﻳﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ، ﻭﻧﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ .. ﻓﺘﺤﺮﻙ ﺟﺴﺪ ﺁﺩﻡ
ﻭﺩﺑﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. ﻓﺘﺢ ﺁﺩﻡ
ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻓﺮﺃﻯ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻛﻠﻬﻢ
ﺳﺎﺟﺪﻳﻦ ﻟﻪ .. ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺇﺑﻠﻴﺲ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ،
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻬﻢ، ﻟﻢ
ﻳﺴﺠﺪ .. ﻓﻬﻞ ﻛﺎﻥ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ؟ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ .
ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﺎ
ﻋﺼﻰ . ﻓﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻻ ﻳﻌﺼﻮﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ
ﻳﺆﻣﺮﻭﻥ . . ﻭﺳﻴﺠﻲﺀ ﺃﻧﻪ
ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ . ﻭﺍﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ . .
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻛﺎﻥ
ﻣﺄﻣﻮﺭﺍً ﺑﺎﻟﺴﺠﻮﺩ .
ﺃﻣﺎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ؟
ﻭﺃﻳﻦ ؟ ﻭﻣﺘﻰ ؟ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ
ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﻐﺰﻯ
ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺷﻴﺌﺎً..
ﻓﻮﺑّﺦ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺇﺑﻠﻴﺲ) :ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﺇِﺑْﻠِﻴﺲُ ﻣَﺎ
ﻣَﻨَﻌَﻚَ ﺃَﻥ ﺗَﺴْﺠُﺪَ ﻟِﻤَﺎ ﺧَﻠَﻘْﺖُ
ﺑِﻴَﺪَﻱَّ ﺃَﺳْﺘَﻜْﺒَﺮْﺕَ ﺃَﻡْ ﻛُﻨﺖَ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﻌَﺎﻟِﻴﻦَ. ( ﻭﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ
ﻭﺍﻷﻭﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺭﺩّ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺑﻤﻨﻄﻖ
ﻳﻤﻸﻩ ﺍﻟﻜﺒﺮ ﻭﺍﻟﺤﺴﺪ) :ﻗَﺎﻝَ ﺃَﻧَﺎ
ﺧَﻴْﺮٌ ﻣِّﻨْﻪُ ﺧَﻠَﻘْﺘَﻨِﻲ ﻣِﻦ ﻧَّﺎﺭٍ
ﻭَﺧَﻠَﻘْﺘَﻪُ ﻣِﻦ ﻃِﻴﻦٍ. ( ﻫﻨﺎ ﺻﺪﺭ
ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺑﻄﺮﺩ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻤﺮﺩ
ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ) :ﻗَﺎﻝَ ﻓَﺎﺧْﺮُﺝْ ﻣِﻨْﻬَﺎ
ﻓَﺈِﻧَّﻚَ ﺭَﺟِﻴﻢٌ( ﻭﺇﻧﺰﺍﻝ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ
ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ. ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻢ
ﻣﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
)ﻣِﻨْﻬَﺎ( ﻓﻬﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ؟ ﺃﻡ
ﻫﻞ ﻫﻲ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ . . ﻫﺬﺍ
ﻭﺫﻟﻚ ﺟﺎﺋﺰ ﻟﻜﻦ ﺍﻷﺭﺟﺢ
ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ
ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺣﺘﻰ ﺁﺩﻡ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺟﺢ . ﻭﻻ ﻣﺤﻞ
ﻟﻠﺠﺪﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ . ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻮ
ﺍﻟﻄﺮﺩ ﻭﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺟﺰﺍﺀ
ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ .
ﻗَﺎﻝَ ﻓَﺎﻟْﺤَﻖُّ ﻭَﺍﻟْﺤَﻖَّ ﺃَﻗُﻮﻝُ
)84( ﻟَﺄَﻣْﻠَﺄَﻥَّ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻣِﻨﻚَ ﻭَﻣِﻤَّﻦ
ﺗَﺒِﻌَﻚَ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺃَﺟْﻤَﻌِﻴﻦَ )85(
)ﺹ(
ﻫﻨﺎ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﺪ .
ﻭﺇﻟﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ) :ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺏِّ
ﻓَﺄَﻧﻈِﺮْﻧِﻲ ﺇِﻟَﻰ ﻳَﻮْﻡِ ﻳُﺒْﻌَﺜُﻮﻥَ. (
ﻭﺍﻗﺘﻀﺖ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺭﺓ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻴﺒﻪ
ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ , ﻭﺃﻥ ﻳﻤﻨﺤﻪ
ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﺩ. ﻓﻜﺸﻒ
ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻋﻦ ﻫﺪﻓﻪ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻨﻔﻖ ﻓﻴﻪ ﺣﻘﺪﻩ) :ﻗَﺎﻝَ
ﻓَﺒِﻌِﺰَّﺗِﻚَ ﻟَﺄُﻏْﻮِﻳَﻨَّﻬُﻢْ ﺃَﺟْﻤَﻌِﻴﻦَ(
ﻭﻳﺴﺘﺪﺭﻙ ﻓﻴﻘﻮﻝ) :ﺇِﻟَّﺎ ﻋِﺒَﺎﺩَﻙَ
ﻣِﻨْﻬُﻢُ ﺍﻟْﻤُﺨْﻠَﺼِﻴﻦَ( ﻓﻠﻴﺲ
ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﺃﻱ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻋﻠﻰ
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .
ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺗﺤﺪﺩ ﻣﻨﻬﺠﻪ ﻭﺗﺤﺪﺩ
ﻃﺮﻳﻘﻪ . ﺇﻧﻪ ﻳﻘﺴﻢ ﺑﻌﺰﺓ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﻴﻐﻮﻳﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻵﺩﻣﻴﻴﻦ . ﻻ
ﻳﺴﺘﺜﻨﻲ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻠﻄﺎﻥ . ﻻ ﺗﻄﻮﻋﺎً ﻣﻨﻪ
ﻭﻟﻜﻦ ﻋﺠﺰﺍً ﻋﻦ ﺑﻠﻮﻍ ﻏﺎﻳﺘﻪ
ﻓﻴﻬﻢ ! ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ
ﺍﻟﺤﺎﺟﺰ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺟﻴﻦ ﻣﻦ
ﻏﻮﺍﻳﺘﻪ ﻭﻛﻴﺪﻩ ; ﻭﺍﻟﻌﺎﺻﻢ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻨﻪ . ﺇﻧﻪ
ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﺼﻬﻢ ﻟﻠﻪ .
ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻃﻮﻕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ . ﻭﺣﺒﻞ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . . ! ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻭﻓﻖ
ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺩﻯ
ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ . ﻓﺄﻋﻠﻦ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ -
ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ . ﻭﺣﺪﺩ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ
ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ) :ﻟَﺄَﻣْﻠَﺄَﻥَّ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻣِﻨﻚَ
ﻭَﻣِﻤَّﻦ ﺗَﺒِﻌَﻚَ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺃَﺟْﻤَﻌِﻴﻦَ. (
ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺇﺫﻥ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﺁﺩﻡ ,
ﻳﺨﻮﺿﻮﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ .
ﻭﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ
ﻭﻋﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ
ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ . ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺒﻌﺔ ﻣﺎ
ﻳﺨﺘﺎﺭﻭﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ . ﻭﻗﺪ ﺷﺎﺀﺕ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻻ ﻳﺪﻋﻬﻢ ﺟﺎﻫﻠﻴﻦ ﻭﻻ
ﻏﺎﻓﻠﻴﻦ . ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ
ﺍﻟﻤﻨﺬﺭﻳﻦ .
ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺁﺩﻡ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ
ﺛﻢ ﻳﺮﻭﻱ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺼﺔ
ﺍﻟﺴﺮ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﻭﺩﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ , ﻭﻫﻮ ﻳﺴﻠﻤﻪ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ
ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ) :ﻭَﻋَﻠَّﻢَ ﺁﺩَﻡَ ﺍﻷَﺳْﻤَﺎﺀ
ﻛُﻠَّﻬَﺎ. ( ﺳﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻣﺰ
ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﻟﻠﻤﺴﻤﻴﺎﺕ . ﺳﺮ
ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺔ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺄﺳﻤﺎﺀ
ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ - ﻭﻫﻲ ﺃﻟﻔﺎﻅ
ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ - ﺭﻣﻮﺯﺍ ﻟﺘﻠﻚ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺔ . ﻭﻫﻲ ﻗﺪﺭﺓ ﺫﺍﺕ
ﻗﻴﻤﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ . ﻧﺪﺭﻙ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ
ﺣﻴﻦ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ
ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ , ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻮﻫﺐ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻣﺰ
ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﻟﻠﻤﺴﻤﻴﺎﺕ ,
ﻭﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ , ﺣﻴﻦ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻛﻞ
ﻓﺮﺩ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻔﺎﻫﻢ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ
ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ
ﻟﻴﺘﻔﺎﻫﻤﻮﺍ ﺑﺸﺄﻧﻪ . . ﺍﻟﺸﺄﻥ
ﺷﺄﻥ ﻧﺨﻠﺔ ﻓﻼ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎﺭ
ﺟﺴﻢ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ ! ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺷﺄﻥ
ﺟﺒﻞ . ﻓﻼ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ
ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺒﻞ !
ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺷﺄﻥ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻓﻼ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ
ﺇﻻ ﺑﺘﺤﻀﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ . . . ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺸﻘﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻻ
ﺗﺘﺼﻮﺭ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﻴﺎﺓ ! ﻭﺇﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﻤﻀﻲ ﻓﻲ
ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻮﺩﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻣﺰ
ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﻟﻠﻤﺴﻤﻴﺎﺕ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻬﻢ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﺻﻴﺔ , ﻷﻧﻬﺎ ﻻ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﻢ .
ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﺗﻮﻫﺐ ﻟﻬﻢ . ﻓﻠﻤﺎ
ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺁﺩﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ,
ﻭﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﻟﻢ
ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ . ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ
ﻛﻴﻒ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ
ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﺨﻮﺹ . .
ﻭﺟﻬﺮﻭﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺠﺰ
ﺑﺘﺴﺒﻴﺢ ﺭﺑﻬﻢ , ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ
ﺑﻌﺠﺰﻫﻢ , ﻭﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺤﺪﻭﺩ
ﻋﻠﻤﻬﻢ , ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻬﻢ . . ﺛﻢ
ﻗﺎﻡ ﺁﺩﻡ ﺑﺈﺧﺒﺎﺭﻫﻢ ﺑﺄﺳﻤﺎﺀ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ . ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺩﻫﻢ ﺇﻟﻰ
ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ:
)ﻗَﺎﻝَ ﺃَﻟَﻢْ ﺃَﻗُﻞ ﻟَّﻜُﻢْ ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﻋْﻠَﻢُ
ﻏَﻴْﺐَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺽِ
ﻭَﺃَﻋْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﺗُﺒْﺪُﻭﻥَ ﻭَﻣَﺎ ﻛُﻨﺘُﻢْ
ﺗَﻜْﺘُﻤُﻮﻥَ. (
ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ
ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ ﺇﻧﻪ ﻋَـﻠِـﻢَ ﻣﺎ ﺃﺑﺪﻭﻩ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﺣﻴﻦ ﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺃﻧﻪ
ﺳﻴﺨﻠﻖ ﺁﺩﻡ، ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ
ﻛﺘﻤﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ
ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ
ﺃﺧﻔﺎﻩ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺠﺤﻮﺩ.. ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻥ
ﺁﺩﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻌﺮﻑ.. ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺷﺮﻑ ﺷﻲﺀ
ﻓﻴﻪ.. ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ.. ﻛﻤﺎ ﻓﻬﻤﻮﺍ ﺍﻟﺴﺮ
ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺼﺒﺢ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ، ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ.. ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ.. ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ..
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻹﺳﻼﻡ.. ﻭﻋﻠﻢ
ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ.. ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ.
ﺇﻥ ﻧﺠﺎﺡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ )ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ
ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﺭﺽ( ﻳﻜﻔﻞ ﻟﻪ
ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺭﻗﻰ.. ﻓﻜﻞ ﻣﻦ
ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻣﻜﻤﻞ ﻟﻶﺧﺮ.
ﺳﻜﻦ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ
ﺧﻠﻖ ﺣﻮﺍﺀ. ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﺣﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ
ﻭﻗﺖ ﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﺃﻡ ﺑﻌﺪﻩ ﻟﻜﻨﻨﺎ
ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺃﺳﻜﻨﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ. ﻻ
ﻧﻌﺮﻑ ﻣﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻨﺔ. ﻓﻘﺪ
ﺳﻜﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ
ﻭﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻭﺟﻮﻩ. ﻗﺎﻝ
ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﺇﻧﻬﺎ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺄﻭﻯ،
ﻭﺃﻥ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ. ﻭﻧﻔﻰ
ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ
ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺄﻭﻯ ﻟﺤﺮﻡ ﺩﺧﻮﻟﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﻗﻮﻉ ﻋﺼﻴﺎﻥ. ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ:
ﺇﻧﻬﺎ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺄﻭﻯ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ
ﻵﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ. ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ:
ﺇﻧﻬﺎ ﺟﻨﺔ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ
ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺮﺗﻔﻊ. ﻭﺫﻫﺐ
ﻓﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻫﺎ
ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﻒ.. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺨﺘﺎﺭ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺮﺃﻱ. ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ
ﻧﺴﺘﺨﻠﺼﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺴﺎﻭﻱ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻤﺎ
ﺣﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺳﻤﺢ ﻵﺩﻡ
ﻭﺣﻮﺍﺀ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﺘﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ﻭﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﺎ ﺑﻜﻞ
ﺷﻲﺀ، ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺷﺠﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ.
ﻓﺄﻃﺎﻉ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﺃﻣﺮ ﺭﺑﻬﻤﺎ
ﺑﺎﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ. ﻏﻴﺮ
ﺃﻥ ﺁﺩﻡ ﺇﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻳﻨﺴﻰ، ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻳﺘﻘﻠﺐ، ﻭﻋﺰﻣﻪ
ﺿﻌﻴﻒ. ﻭﺍﺳﺘﻐﻞ ﺇﺑﻠﻴﺲ
ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺁﺩﻡ ﻭﺟﻤﻊ ﻛﻞ ﺣﻘﺪﻩ
ﻓﻲ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﺍﺳﺘﻐﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ
ﺁﺩﻡ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ.. ﻭﺭﺍﺡ ﻳﺜﻴﺮ ﻓﻲ
ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻳﻮﺳﻮﺱ ﺇﻟﻴﻪ) :ﻫَﻞْ
ﺃَﺩُﻟُّﻚَ ﻋَﻠَﻰ ﺷَﺠَﺮَﺓِ ﺍﻟْﺨُﻠْﺪِ ﻭَﻣُﻠْﻚٍ
ﻟَّﺎ ﻳَﺒْﻠَﻰ. ( ﻭﺃﻗﺴﻢ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻵﺩﻡ
ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺩﻕ ﻓﻲ ﻧﺼﺤﻪ ﻟﻬﻢ،
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﺑﻔﻄﺮﺗﻪ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻳﻈﻦ ﺃﻥ
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻛﺬﺍ،
ﻓﻀﻌﻒ ﻋﺰﻣﻪ ﻭﻧﺴﻲ ﻭﺃﻛﻞ
ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻫﻮ ﻭﺣﻮﺍﺀ.
ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮﻩ
ﺻﺤﻒ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺇﻏﻮﺍﺀ ﺣﻮﺍﺀ
ﻵﺩﻡ ﻭﺗﺤﻤﻴﻠﻬﺎ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻷﻛﻞ
ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ. ﺇﻥ ﻧﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﺣﻮﺍﺀ. ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺁﺩﻡ -
ﻛﻤﺴﺌﻮﻝ ﻋﻤﺎ ﺣﺪﺙ- ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﻫﻜﺬﺍ
ﺃﺧﻄﺄ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺃﺧﻄﺄ ﺁﺩﻡ.
ﺃﺧﻄﺄ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ
ﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ، ﻭﺃﺧﻄﺄ ﺁﺩﻡ ﺑﺴﺒﺐ
ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ.
ﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﺁﺩﻡ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻞ
ﺣﺘﻰ ﺍﻛﺘﺸﻒ ﺃﻧﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﺎﺭ،
ﻭﺃﻥ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﺎﺭﻳﺔ. ﻭﺑﺪﺃ ﻫﻮ
ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻳﻘﻄﻌﺎﻥ ﺃﻭﺭﺍﻕ
ﺍﻟﺸﺠﺮ ﻟﻜﻲ ﻳﻐﻄﻲ ﺑﻬﻤﺎ ﻛﻞ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺟﺴﺪﻩ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ.
ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻵﺩﻡ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺳﺎﺑﻘﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ، ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺮﻑ
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻮﺏ، ﻓﺄﻟﻬﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ )ﻗَﺎﻻَ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻇَﻠَﻤْﻨَﺎ ﺃَﻧﻔُﺴَﻨَﺎ
ﻭَﺇِﻥ ﻟَّﻢْ ﺗَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻨَﺎ ﻭَﺗَﺮْﺣَﻤْﻨَﺎ
ﻟَﻨَﻜُﻮﻧَﻦَّ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮِﻳﻦَ) (23(
)ﺍﻷﻋﺮﻑ( ﻭﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﻬﺒﻮﻁ ﻣﻦ
ﺍﻟﺠﻨﺔ.
ﻫﺒﻮﻁ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﻫﺒﻂ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﺇﻟﻰ
ﺍﻷﺭﺽ. ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺍ ﺭﺑﻬﻤﺎ
ﻭﺗﺎﺏ ﺇﻟﻴﻪ. ﻓﺄﺩﺭﻛﺘﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﺭﺑﻪ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺜﻮﺏ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﻠﻮﺫ ﺑﻬﺎ ... ﻭﺃﺧﺒﺮﻫﻤﺎ
ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﻤﺎ
ﺍﻷﺻﻠﻲ.. ﻳﻌﻴﺸﺎﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ،
ﻭﻳﻤﻮﺗﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻳﺨﺮﺟﺎﻥ
ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺒﻌﺚ.
ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ
ﺧﻄﻴﺌﺔ ﺁﺩﻡ ﺑﻌﺼﻴﺎﻧﻪ ﻫﻲ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺧﺮﺟﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ. ﻭﻟﻮﻻ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻟﻜﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ
ﻫﻨﺎﻙ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻏﻴﺮ
ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻴﻦ
ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﻗﺎﻝ
ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ" :ﺇِﻧِّﻲ ﺟَﺎﻋِﻞٌ ﻓِﻲ
ﺍﻷَﺭْﺽِ ﺧَﻠِﻴﻔَﺔً" ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻟﻬﻤﺎ
ﺇﻧﻲ ﺟﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺧﻠﻴﻔﺔ.
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺒﻮﻁ ﺁﺩﻡ ﺇﻟﻰ
ﺍﻷﺭﺽ ﻫﺒﻮﻁ ﺇﻫﺎﻧﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﻫﺒﻮﻁ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ. ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ
ﺳﻴﺄﻛﻼﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ.
ﻭﻳﻬﺒﻄﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﺃﻣﺎ
ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ. ﻟﻴﻌﻠﻢ
ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺟﻨﺴﻬﻤﺎ
ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ
ﻃﺮﺩ ﺍﻷﺑﻮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﻤﺮ ﺑﻄﺎﻋﺔ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ.
ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴﻞ
ﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﻦ
ﺣﻴﺎﺓ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﻳﺮﻭﻱ ﻗﺼﺔ ﺍﺑﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ
ﺁﺩﻡ ﻫﻤﺎ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴﻞ. ﺣﻴﻦ
ﻭﻗﻌﺖ ﺃﻭﻝ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺘﻞ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼﺘﻬﻤﺎ
ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻮﺍﺀ ﺗﻠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻄﻦ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﺑﻨﺎ ﻭﺑﻨﺘﺎ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﻄﻦ
ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﺑﻨﺎ ﻭﺑﻨﺘﺎ. ﻓﻴﺤﻞ ﺯﻭﺍﺝ
ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻄﻦ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ.. ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻛﺎﻥ
ﻳﺮﻳﺪ ﺯﻭﺟﺔ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ..
ﻓﺄﻣﺮﻫﻤﺎ ﺁﺩﻡ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻣﺎ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ،
ﻓﻘﺪﻡ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ،
ﻓﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻟﻢ
ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺑﻴﻞ. ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ )ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ
ﻭَﺍﺗْﻞُ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﻧَﺒَﺄَ ﺍﺑْﻨَﻲْ ﺁﺩَﻡَ
ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﺇِﺫْ ﻗَﺮَّﺑَﺎ ﻗُﺮْﺑَﺎﻧًﺎ ﻓَﺘُﻘُﺒِّﻞَ
ﻣِﻦ ﺃَﺣَﺪِﻫِﻤَﺎ ﻭَﻟَﻢْ ﻳُﺘَﻘَﺒَّﻞْ ﻣِﻦَ
ﺍﻵﺧَﺮِ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﺄَﻗْﺘُﻠَﻨَّﻚَ ﻗَﺎﻝَ ﺇِﻧَّﻤَﺎ
ﻳَﺘَﻘَﺒَّﻞُ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺘَّﻘِﻴﻦَ )27(
ﻟَﺌِﻦ ﺑَﺴَﻄﺖَ ﺇِﻟَﻲَّ ﻳَﺪَﻙَ ﻟِﺘَﻘْﺘُﻠَﻨِﻲ
ﻣَﺎ ﺃَﻧَﺎْ ﺑِﺒَﺎﺳِﻂٍ ﻳَﺪِﻳَﺈِﻟَﻴْﻚَ ﻟَﺄَﻗْﺘُﻠَﻚَ
ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﺧَﺎﻑُ ﺍﻟﻠّﻪَ ﺭَﺏَّ ﺍﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﻴﻦَ
)28) (ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ(
ﻻﺣﻆ ﻛﻴﻒ ﻳﻨﻘﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ،
ﻭﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻠﻤﺎﺕ
ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ. ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻳﺮﻓﻊ ﻳﺪﻩ
ﻣﻬﺪﺩﺍ.. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﻓﻲ
ﻫﺪﻭﺀ:
ﺇِﻧِّﻲ ﺃُﺭِﻳﺪُ ﺃَﻥ ﺗَﺒُﻮﺀَ ﺑِﺈِﺛْﻤِﻲ
ﻭَﺇِﺛْﻤِﻚَ ﻓَﺘَﻜُﻮﻥَ ﻣِﻦْ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏِ
ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻭَﺫَﻟِﻚَ ﺟَﺰَﺍﺀ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ
)29) (ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ(
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ
ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻣﺆﻗﺘﺎ.
ﺑﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ.. ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻄﻴﺐ
ﻧﺎﺋﻤﺎ ﻭﺳﻂ ﻏﺎﺑﺔ ﻣﺸﺠﺮﺓ..
ﻓﻘﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺧﻮﻩ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻓﻘﺘﻠﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ" :ﻻ ﺗﻘﺘﻞ ﻧﻔﺲ
ﻇﻠﻤﺎ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ
ﺍﻷﻭﻝ ﻛﻔﻞ ﻣﻦ ﺩﻣﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺳﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ." ﺟﻠﺲ
ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺍﻟﻤﻠﻘﻰ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺥ
ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺃﻭﻝ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﺭﺽ.. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺩﻓﻦ
ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﺑﻌﺪ.
ﻭﺣﻤﻞ ﺍﻷﺥ ﺟﺜﺔ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﻭﺭﺍﺡ
ﻳﻤﺸﻲ ﺑﻬﺎ.. ﺛﻢ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ
ﻏﺮﺍﺑﺎ ﺣﻴﺎ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺟﺜﺔ ﻏﺮﺍﺏ
ﻣﻴﺖ. ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ ﺍﻟﺤﻲ
ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﺳﺎﻭﻯ ﺃﺟﻨﺤﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺭﻩ
ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺤﻔﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻤﻨﻘﺎﺭﻩ
ﻭﻭﺿﻌﻪ ﺑﺮﻓﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻋﺎﺩ
ﻳﻬﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ.. ﺑﻌﺪﻫﺎ
ﻃﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﺮﺥ.
ﺍﻧﺪﻟﻊ ﺣﺰﻥ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻴﻪ
ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻛﺎﻟﻨﺎﺭ ﻓﺄﺣﺮﻗﻪ ﺍﻟﻨﺪﻡ.
ﺍﻛﺘﺸﻒ ﺃﻧﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﺳﻮﺃ
ﻭﺍﻷﺿﻌﻒ، ﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﺍﻷﻓﻀﻞ
ﻭﺍﻷﻗﻮﻯ. ﻧﻘﺺ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺁﺩﻡ
ﻭﺍﺣﺪﺍ. ﻭﻛﺴﺐ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ
ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺁﺩﻡ. ﻭﺍﻫﺘﺰ
ﺟﺴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺑﺒﻜﺎﺀ ﻋﻨﻴﻒ ﺛﻢ
ﺃﻧﺸﺐ ﺃﻇﺎﻓﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﺭﺍﺡ ﻳﺤﻔﺮ ﻗﺒﺮ ﺷﻘﻴﻘﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺁﺩﻡ ﺣﻴﻦ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻘﺼﺔ:
)ﻫَﺬَﺍ ﻣِﻦْ ﻋَﻤَﻞِ ﺍﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥِ ﺇِﻧَّﻪُ
ﻋَﺪُﻭٌّ ﻣُّﻀِﻞٌّ ﻣُّﺒِﻴﻦٌ( ﻭﺣﺰﻥ ﺣﺰﻧﺎ
ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﺴﺎﺭﺗﻪ ﻓﻲ
ﻭﻟﺪﻳﻪ. ﻣﺎﺕ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ، ﻭﻛﺴﺐ
ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ. ﺻﻠﻰ ﺁﺩﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻨﻪ، ﻭﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ: ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﻳﻌﻤﻞ
ﻭﻳﺸﻘﻰ ﻟﻴﺼﻨﻊ ﺧﺒﺰﻩ. ﻭﻧﺒﻴﺎ
ﻳﻌﻆ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﻭﺃﺣﻔﺎﺩﻩ ﻭﻳﺤﺪﺛﻬﻢ
ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻴﻪ،
ﻭﻳﺤﻜﻲ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﺇﺑﻠﻴﺲ
ﻭﻳﺤﺬﺭﻫﻢ ﻣﻨﻪ. ﻭﻳﺮﻭﻱ ﻟﻬﻢ
ﻗﺼﺘﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻌﻪ، ﻭﻳﻘﺺ
ﻟﻬﻢ ﻗﺼﺘﻪ ﻣﻊ ﺍﺑﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻌﻪ
ﻟﻘﺘﻞ ﺷﻘﻴﻘﻪ.
ﻣﻮﺕ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻭﻛﺒﺮ ﺁﺩﻡ. ﻭﻣﺮﺕ ﺳﻨﻮﺍﺕ
ﻭﺳﻨﻮﺍﺕ.. ﻭﻋﻦ ﻓﺮﺍﺵ ﻣﻮﺗﻪ،
ﻳﺮﻭﻱ ﺃﺑﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ
ﺁﺩﻡ ﻟﻤﺎ ﺣﻀﺮﻩ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻗﺎﻝ
ﻟﺒﻨﻴﻪ: ﺃﻱ ﺑﻨﻲ، ﺇﻧﻲ ﺃﺷﺘﻬﻲ
ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﺔ. ﻗﺎﻝ: ﻓﺬﻫﺒﻮﺍ
ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﻟﻪ، ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻬﻢ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻣﻌﻬﻢ ﺃﻛﻔﺎﻧﻪ
ﻭﺣﻨﻮﻃﻪ، ﻭﻣﻌﻬﻢ ﺍﻟﻔﺆﻭﺱ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺣﻲ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺗﻞ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ
ﻟﻬﻢ: ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ
ﻭﻣﺎ ﺗﻄﻠﺒﻮﻥ؟ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ
ﻭﺃﻳﻦ ﺗﻄﻠﺒﻮﻥ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺃﺑﻮﻧﺎ
ﻣﺮﻳﺾ ﻭﺍﺷﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭ
ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻬﻢ: ﺍﺭﺟﻌﻮﺍ
ﻓﻘﺪ ﻗﻀﻲ ﺃﺑﻮﻛﻢ. ﻓﺠﺎﺀﻭﺍ
ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺗﻬﻢ ﺣﻮﺍﺀ ﻋﺮﻓﺘﻬﻢ
ﻓﻼﺫﺕ ﺑﺂﺩﻡ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻟﻴﻚ ﻋﻨﻲ
ﻓﺈﻧﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺗﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ،
ﻓﺨﻠﻲ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﺭﺑﻲ
ﻋﺰ ﻭﺟﻞ. ﻓﻘﺒﻀﻮﻩ ﻭﻏﺴﻠﻮﻩ
ﻭﻛﻔﻨﻮﻩ ﻭﺣﻨﻄﻮﻩ، ﻭﺣﻔﺮﻭﺍ ﻟﻪ
ﻭﻟﺤﺪﻭﻩ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ
ﺃﺩﺧﻠﻮﻩ ﻗﺒﺮﻩ ﻓﻮﺿﻌﻮﻩ ﻓﻲ
ﻗﺒﺮﻩ، ﺛﻢ ﺣﺜﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ:
ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻫﺬﻩ ﺳﻨﺘﻜﻢ.
ﻭﻓﻲ ﻣﻮﺗﻪ ﻳﺮﻭﻱ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ:
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ
ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ
ﺳﻌﺪ، ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ، ﻋﻦ
ﺃﺑﻲ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ
ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " :ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻖ
ﺍﻟﻠﻪ ﺁﺩﻡ ﻣﺴﺢ ﻇﻬﺮﻩ، ﻓﺴﻘﻂ
ﻣﻦ ﻇﻬﺮﻩ ﻛﻞ ﻧﺴﻤﺔ ﻫﻮ
ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﺟﻌﻞ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻲ ﻛﻞ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﺼﺎً ﻣﻦ ﻧﻮﺭ،
ﺛﻢ ﻋﺮﺿﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺁﺩﻡ ﻓﻘﺎﻝ:
ﺃﻱ ﺭﺏ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ؟ ﻗﺎﻝ:
ﻫﺆﻻﺀ ﺫﺭﻳﺘﻚ، ﻓﺮﺃﻯ ﺭﺟﻼً
ﻓﺄﻋﺠﺒﻪ ﻭﺑﻴﺺ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ،
ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻱ ﺭﺏ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ؟ ﻗﺎﻝ
ﻫﺬﺍ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﻣﻦ
ﺫﺭﻳﺘﻚ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺩﺍﻭﺩ، ﻗﺎﻝ: ﺭﺏ
ﻭﻛﻢ ﺟﻌﻠﺖ ﻋﻤﺮﻩ؟ ﻗﺎﻝ
ﺳﺘﻴﻦ ﺳﻨﺔ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻱ ﺭﺏ ﺯﺩﻩ
ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻱ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ. ﻓﻠﻤﺎ
ﺍﻧﻘﻀﻰ ﻋﻤﺮ ﺁﺩﻡ ﺟﺎﺀﻩ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ
ﻋﻤﺮﻱ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺳﻨﺔ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﻭ
ﻟﻢ ﺗﻌﻄﻬﺎ ﺍﺑﻨﻚ ﺩﺍﻭﺩ؟ ﻗﺎﻝ
ﻓﺠﺤﺪ ﻓﺠﺤﺪﺕ ﺫﺭﻳﺘﻪ، ﻭﻧﺴﻲ
ﺁﺩﻡ ﻓﻨﺴﻴﺖ ﺫﺭﻳﺘﻪ، ﻭﺧﻄﻰﺀ
ﺁﺩﻡ ﻓﺨﻄﺌﺖ ﺫﺭﻳﺘﻪ."
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ